الاثنين، 22 يوليو 2013

حديث خير جندها الجند الغربي‎






بسم الله الرحمن الرحيم



حديث "ستكون فتنة خير الناس فيها الجند الغربي"

بسم الله الرحمن الرحيم

ـ روى البخاري في التاريخ الكبير 6/ 313 وابن عبد الحكم في فتوح مصر ص 342 ـ 343 والبسوي في المعرفة 1/ 330 وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة ص 160 والبزار 6/ 287 وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 202 والطبراني في الأوسط 8/ 315 والحاكم في المستدرك 4/ 495 وابن عساكر، من ثلاثة طرق عن عبد الرحمن بن شريح عن عَميرة بن عبد الله المعافري عن أبيه عن عمرو بن الحَمِق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ستكون فتنة، خير الناس فيها الجند الغربي". وفي بعض المصادر "تكون فتنة، أسلمُ الناس فيها ـ أو قال خير الناس فيها ـ الجند الغربي". وفي أكثر المصادر زيادة في آخره، وهي " قال ابن الحمق: فلذلك قدمتُ عليكم مصر".
[عبد الرحمن بن شريح أبو شريح مصري ثقة فيه لين مات سنة 167. عَميرة بن عبد الله المعافري: قال الذهبي وابن حجر: لا يُدرى من هو. أبوه عبد الله بن عامر المعافري: ذكره ابن يونس المصري في تاريخه وأنه روى عن عمرو بن الحمق، ولم أجد له ترجمة]. فهذا الطريق تالف.
ـ وروى ابن عبد الحكم في فتوح مصر ص 166 ـ 167 والدارقطني في المؤتلف والمختلف من طريقين عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن مالك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري عن عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض". فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله. قال: "لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة". [الأسود بن مالك الحميري لم أجد له ترجمة. بحير بن ذاخر المعافري ذكره ابن حبان في الثقات]. فهذا الطريق شديد الضعف.
ـ وروى نعيم بن حماد في الفتن ص 54 عن الوليد بن مسلم أنه قال: قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تكون فتنة تشمل الناس كلهم، لا يسلم منها إلا الجند الغربي". [يزيد بن أبي حبيب مصري ثقة ولد سنة 53 ومات سنة 128، من صغار التابعين]. هذا الطريق فيه ابن لهيعة وفيه كلام طويل، وقد يدلس الإسناد ولم يصرح هنا بالسماع، وفيه الإرسال من رجل هو من صغار التابعين، فهو شديد الضعف.
ـ فالحديث سنده شديد الضعف.
وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 16/ 5/ 1438، والحمد لله رب العالمين.



الجمعة، 19 يوليو 2013

حديث : الرايات السود من خراسان


رُوي هذا الحديث من رواية أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعمر بن الخطاب وثوبان وعبد الله بن مسعود:
ـ فأما حديث أبي هريرة فرواه نعيم بن حماد في الفتن من طريق داود بن عبد الجبار الكوفي عن سلمة بن المجنون عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا خرجت الرايات السود فإن أولها فتنة وأوسطها ضلالة وآخرها كفر". [داود بن عبد الجبار متروك الحديث واتهم بالكذب. سلمة بن المجنون ذكره ابن حبان في الثقات]. فهذا إسناد تالف.
ـ وأما حديث عبد الله بن عمرو فرواه نعيم بن حماد عن عبد الله بن مروان عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تذهب الأيام حتى تخرج لبني العباس رايات سود من قبل المشرق". [عبد الله بن مروان شيخ نعيم بن حماد كنيته أبو سفيان ولم أجد له ترجمة، ولا لأبيه من باب أولى]. فهذا إسناد تالف.
ـ وأما حديث عمر فرواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق عمرو بن واقد عن زيد بن واقد عن مكحول عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أقبلت رايات ولد العباس من عِقاب خراسان وجاؤوا ببغي الإسلام فمن سار تحت لوائهم لم تنله شفاعتي يوم القيامة". [عمرو بن واقد متروك الحديث]. فهذا إسناد تالف، وزيادة على ذلك ففيه علة الإرسال، فتزيده وهنا على وهن.
فقد رُوي حديث عمر هذا من مرسل سعيد بن المسيب، رواه نعيم بن حماد عن محمد بن عبد الله التاهرتي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن مسلم بن يسار عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثم تمكث ما شاء الله، ثم تخرج رايات سود صغار على رجل من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق". [محمد بن عبد الله التاهرتي لم أجد له ترجمة. عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف. مسلم بن يسار مصري ذكره ابن حبان في الثقات]. وهذا الطريق فضلا عن كونه مرسلا فهو شديد الضعف.
ـ وأما حديث ثوبان فرواه ابن ماجه والبزار والحاكم والداني في كتاب السنن الواردة في الفتن وابن عساكر من طرق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم". ثم ذكر شيئا لا أحفظه، وقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي".
ورواه نعيم بن حماد عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ثوبان أنه قال: إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي. موقوفا. وهذا الحديث لا يصح لا مرفوعا ولا موقوفا.
[خالد بن مهران الحذاء بصري ثقة تغير حفظه بعدما قدم من الشام ومات سنة 142. أبو قلابة عبد الله بن زيد بصري ثقة مات سنة 104 وقيل بعدها بالشام. أبو أسماء الرحبي عمرو بن مرثد دمشقي وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات. ثوبان صحابي مات سنة 54 بحمص].
حديث ثوبان ظاهره أنه لا بأس به، فمن كان ظاهريا قبله واحتج به، وأما من كان من أهل الفهم والدراية ـ كابن حنبل وبعض كبار شيوخه ـ فإنه يدرك ما فيه من شذوذ ونكارة، فيرده ولا يلتفت إليه، خاصة بعدما شعروا به من تغير حفظ خالد بعد عودته من الشام.
هذا ما كان عليه الإمام أحمد رحمه الله وبعض أكابر أهل العلم الذين تقدموا عليه، فقد أخبر أحمدُ عن شيخه الإمام الحافظ إسماعيل بن إبراهيم المتوفى سنة 193 والمعروفِ بابن عُلية أن شيخه ابن علية أخبرهم بأن الذين سمعوا هذا الحديث من راويه لم يلتفتوا إليه، ولعله يريد أهل الإتقان منهم.
ويبدو أن خالدا الحذاء سمع هذا الحديث من رجل ما بالشام ثم ألصقه ـ من باب الوهَم ـ بأحد ثقات شيوخه، وهذا ما يفسر لنا ما نقله ابن عُلية من عدم التفات الأثبات إلى هذا الحديث.
قال عبد الله بن أحمد ـ كما في كتاب العلل وكتاب المنتخب من علل الخلال ـ: حدثني أبي قال: قيل لابن علية في هذا الحديث فقال: كان خالد يرويه فلم يُلتفت إليه. ضعَّف ابن علية أمره. يعني حديثَ خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرايات.
ورواه ابن حنبل وابن الجوزي في العلل المتناهية عن وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من خراسان فائـْتـُوها، فإن فيها خليفة الله المهدي". [علي بن زيد بصري ضعيف مات سنة 131]. وربما كان علي بن زيد قد سمعه من خالد الحذاء.
ـ وأما حديث عبد الله بن مسعود فرواه البزار من طريق عبد الله بن داهر الرازي عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتية من بني هاشم فاغرورقت عيناه، وذكر الرايات السود فقال: "فمن أدركها فليأتها ولو حبوا على الثلج". [عبد الله بن داهر الرازي متهم ليس بشيء]. فهذا الطريق تالف.
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق يزيد بن محمد الثقفي عن حنان بن سدير عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم عن علقمة بن قيس وعَبيدة السلماني عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهلُ بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يُعطـَونه، فيقاتِلون، فيُنصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأتِ إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمُه اسمي واسمُ أبيه اسمَ أبي، فيملك الأرض، فيملؤها قسطا وعدلا كما مُلئت جورا وظلما". [يزيد بن محمد الثقفي لم أجد له ترجمة. حنان بن سدير كوفي من شيوخ الشيعة ذكره ابن حبان في الثقات. عمرو بن قيس الملائي كوفي ثقة مات سنة 146]. فهذا الطريق تالف، لأن فيه مجهولا وجاء على وَفق الروايات التالفة. وقد أحسن الإمام الذهبي رحمه الله إذ قال عنه في تلخيص المستدرك: هذا موضوع.
ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي الفتح الأزدي قال حدثنا العباس بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن ثواب قال حدثنا حنان بن سدير عن عمرو بن قيس عن الحسن عن عَبيدة عن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فائتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي".
[أبو الفتح الأزدي محمد بن الحسين بن أحمد الموصلي البغدادي من حفاظ الحديث مات سنة 374 وقيل سنة 369، قال فيه الخطيب البغدادي: في حديثه غرائب ومناكير. العباس بن إبراهيم: يبدو أنه العباس بن إبراهيم بن صالح البزاز الشيعي، ترجم له الخطيب البغدادي ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر أنه كان حيا في سنة خمس وعشرين وثلاثمئة، فهو مجهول. هذا وقد ذكر الخطيب في شيوخ أبي الفتح الأزديِّ العباسَ بنَ إبراهيم القراطيسيَّ البغداديَّ الثقة المتوفى سنة 304، ولعله قد وهِم في ذلك، ولعل بعض تلك الغرائب والمناكير التي أشار إليها كانت بسبب مثل هذا الاشتباه. محمد بن ثـَواب كوفي صدوق فيه لين مات سنة 260]. فهذا الطريق تالف، لأن فيه مجهولا وجاء على وَفق الروايات التالفة.
ورواه العُقيلي وابن عدي، وأبو الشيخ في الفتن ـ كما في اللآلئ المصنوعة ـ، من طرق عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود بنحو رواية مستدرك الحاكم المتقدمة، وفيه: "... حتى يجيء قوم من ههنا وأصحاب رايات سود،... حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، فمن أدرك ذلك منكم فليأتها ولو حبوا على الثلج". وسقط ذكر علقمة عند العقيلي وابن عدي. [يزيد بن أبي زياد كوفي ضعيف، وقال فيه ابن حبان: كان صدوقا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير وكان يُلقن ما لقن، فوقعت المناكير فى حديثه، فسماع من سمع منه قبل التغير صحيح، ولد سنة سبع و أربعين، وتوفي سنة ست وثلاثين ومئة]. فهذا الطريق ضعيف. وقال وكيع وأحمد: يزيد بن أبى زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله حديث الرايات ليس بشيء. وقال أبو أسامة: لو حلف لي خمسين يمينا قسامة ما صدقته. يعني في هذا الحديث.
ـ والخلاصة أن هذا حديث ضعيف، لا يصح الاحتجاج به. والله أعلم.
وكتبه صلاح الدين بن أحمد الإدلبي، وفرغ منه في 7/ 9/ 1434، والحمد لله رب العالمين.