الخميس، 3 أبريل 2014

حديث : " عير على ترعة من ترع النار " ؟

عَيْر: اسم جبل قرب المدينة المنورة على ساكنها الصلاة والسلام، وهو قريب من حمراء الأسد، وقيل هما جبلان بالمدينة يقال لأحدهما عَير الوارد والآخر عَير الصادر وهما متقاربان، وقيل هما جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة، وقيل هو جبل مقابل الثنية المعروفة بشِعب الخُوز. وحمراء الأسد: جبل أحمر جنوبي المدينة المنورة، إذا خرجت من ذي الحليفة تؤم مكة رأيت حمراء الأسد جنوبا. ـ 

هذا الحديث رواه عباس الدوري في سؤالاته عن يحيى بن معين، وابنُ ماجه عن هناد بن السري، كلاهما عن عبدة بن سليمان الكلابي عن محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن مكنف عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال: "أحُدٌ جبل يحبنا ونحبه، وهو على ترعة من ترع الجنة، وعَيْرٌ على ترعة من ترع النار". [عبد الله بن مكنف قال فيه البخاري فيه نظر، وقال فيه ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به]. فهذا السند ضعيف. 

ورواه أبو نعيم في أخبار أصبهان عن عبد الله بن شعيب بن أحمد بن محمد بن مهران القاضي الأردستاني عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي عن عبيد الله بن محمد ابن عائشة عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن جميل بن عبد الله عن أنس بن مالك به. [عبد الله بن شعيب بن أحمد ذكره أبو نعيم في تاريخ أصبهان والسمعاني في الأنساب ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا]. ففي هذا الطريق جاءت الرواية عن محمد بن إسحاق عن جميل بن عبد الله، بخلاف الرواية السابقة، وجميل بن عبد الله لم أجد له ذكرا، وتسميته بهذا هي مجرد خطأ، والظاهر أن الخطأ هو من شيخ أبي نعيم. ـ 

ورواه الطبراني في الأوسط  والدولابي في الكنى وابن قانع في معجم الصحابة وابن بشران والخطيب البغدادي في تالي تلخيص المتشابه، من طرق عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عثمان بن إسحاق عن عبد المجيد بن محمد بن أبي عبس بن جبر عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحد هذا جبل يحبنا ونحبه، على باب من أبواب الجنة، وهذا عَيْر يبغضنا ونبغضه، وإنه على باب من أبواب النار 

محمد بن إسماعيل بن أبي فديك مدني صدوق مات سنة 200. عثمان بن إسحاق لم أجد فيه سوى أن ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد له راويا سوى ابن أبي فديك، فهو مجهول. عبد المجيد بن محمد بن أبي عبس بن جبر قال فيه أبو حاتم لين، و ذكره ابن حبان في الثقات، فهو لين. أبوه لم 
 أجد فيه سوى أن ذكره ابن حبان في الثقات. جده صحابي معروف]. فهذا الإسناد شديد الضعف. ـ
 ورواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة عن عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن
 عبد الرحمن بن عوف عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الرحمن الأسلمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عبد العزيز عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف مدني متروك الحديث مات سنة 197. إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة مدني ضعيف مات سنة 165. عبد الرحمن الأسلمي غير معروف، ولعله ابن جرهد، فإن يكنه فهو مجهول. داود بن الحصين مدني ثقة فيه لين مات سنة 135]. فهذا إسناد تالف

. ـ والخلاصة أن هذا الحديث ضعيف الإسناد. وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 30/ 5/ 1435، الموافق ل 31/ 3/ 2014، والحمد لله رب العالمين. -

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

بدع الاعتقاد

 

 

 

بدع الاعتقاد

 

بقلم

صلاح الدين بن أحمد الإدلبي

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

وبعد، فقد يسر الله تبارك وتعالى لي أن أقرأ قدْرا ولو ضئيلا مما كتبه بعض العلماء السابقين رحمهم الله تعالى، فوجدت بعضهم يحث على اتباع الكتاب والسنة وينهى عن مخالفتهما ويحذر من البدع تحذيرا شديدا وعنده ـ إلى جانب ذلك ـ بدع في الاعتقاد، وأرى أن من الواجب الشرعي بيانَ ذلك، نصحا للأمة، وإبراء للذمة.

ـ أقول بادئ ذي بدء: روى الإمام مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". ورواه البخاري بنحوه.

ومن التوادِّ والتراحم والتعاطفِ البعدُ عن كل ما يفرق جماعة المسلمين ويقطـِّع أوصالهم، وهذا يتطلب منا الاجتماع على ما اجتمعنا عليه والحوارَ العلمي الهادئ فيما اختلفنا فيه، من باب "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

ـ قد يقع في كلام بعض العلماء شيء من البدع، والواجب التحذير من الوقوع فيها مع الدعاء لمن وقعت في كلامه بأن يجعلها المولى جل جلاله مغفورة في جانب حسناته، بفضله وكرمه.

والواجب على من يحبون ذلك العالم الذي وقع في كلامه شيء منها أن لا تأخذهم العزة فيرفضوا الحق ويستمسكوا بما لا دليل له، بل عليهم أن يقبلوا النصح ويتجنبوا البدع ويصححوا مسار الفئة التي هم فيها.

ومن المؤسف أن بعض المحبين المغالين ربما يجره استمساكه بما هو عليه إلى التغاضي عما في كلام شيخه والانتقال إلى إيرادِ ما وقع فيه غيره من أخطاء!، وهذا من الخلل في المنهج، لأن الذي يريد الحق ينبغي أولا أن يقر بحكم ما هو أمامه ثم ينتقلَ إلى مسألة أخرى إذا أحب، وهذا برهان محبة الحق بالإخلاص.

ثم عليهم بعد ذلك أن لا يبخلوا بالنصح والتسديد لسائر المسلمين، بالحث على اتباع السنن وإماتة البدع من أي فريق كان.

ـ والمراد هنا التمسك بالسنن المتفق عليها، والرجوع عن البدع المتفق على بدعيتها، وإشاعة روح الحوار حول المختلف فيه بغية الوصول إلى ظهور ما يؤيده الدليل.

والبدعة المذمومة هي كل أمر مستحدث في الدين ليس له دليل يدل على صحته من نصوص الكتاب والسنة ولا يندرج تحت نص من تلك النصوص.

ـ وكل عالم من علماء المسلمين قد يكون أصاب في أشياء وأخطأ في أشياء، فلا عصمة عندنا ـ معشر أهل السنة ـ لغير الأنبياء، فكل واحد يُؤخذ من قوله ويُترك إلا من اصطفاهم الله تعالى بالنبوة والرسالة.

ـ وقبل عرض بعض النبذ من بدع الاعتقاد التي وقعت في كلام أحد العلماء الباحثين لا بد من الإشارة إلى أمر هام في غاية الخطورة، وهو بدعة اتخاذ عالم من علماء المسلمين حجة وميزانا يُوزن به غيره من العلماء، وقد وقع في هذا الأمر كثير من أتباعه الذين قلدوه على غير استبصار وكثيرٌ ممن قلدوا غيره كذلك.

وذلك أن الحجة ـ عند علماء المسلمين ـ هي في كلام الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، وهما الميزان الذي تـُوزن به أقوال الناس وأفعالهم لتمييز ما فيها من خطأ وصواب.

والذي فعله كثير من أتباع ذلك الباحث رحمه الله هو أنهم استبدلوا كلامه بكلام الله تعالى وكلامِ رسوله، فلمعرفة ما إذا كان كلام أي عالم من علماء المسلمين خطأ أو صوابا فإنهم لا يقبلون بالرجوع إلى كلام الله تعالى وكلام رسوله، ولا يرضَوْن إلا بأن تـُوزن الأقوال بما قاله هو، فمن وافق قولـُه قولـَه فهذا ـ عندهم ـ هو السنة وقولُ السلف والصوابُ المقبول، وما خالف قولـَه ـ عندهم ـ فهذا هو البدعة وقولُ أهل الأهواء والخطأ المردود!!.

فلمعرفة ما في كلام الطحاوي أو ابن حبان أو البيهقي مثلا من صواب فإنه يجب ـ عندهم ـ أن تـُعرض أقوال أي واحد من هؤلاء على كلامه!، فمن شهدت له نصوص ذلك الباحث فعقيدته سليمة!، ومن لم تشهد له فهو مبتدع أو فيه شيء من البدع!، وربما حكم بعض الذين يظنون أنهم أهل الفرقة الناجية من أتباعه ـ اليوم ـ على بعض العلماء بأنه مبتدع وضال ومن أهل النار!، وربما قالوا هو من أهل النار الذين تنالهم الشفاعة فيُخرَجون منها ولا يُخلدون فيها!، وربما قالوا عنه مشرك أو فيه رائحة الشرك!، لا لشيء سوى أنه مخالف لذلك الباحث في بعض مسائل العقيدة.

إنه خلل كبير في فهم العقيدة السليمة عند الذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ـ يحكم ذلك الباحث على الأشاعرة والماتريدية مثلا بأنهم مبتدعون، وقد أخذ مقلدوه هذه المقولة وتبنوها وأشاعوها، دون بحث ولا تمحيص، فمزقوا بذلك شمل الأمة وشتتوها، فخسرت ـ وما تزال ـ من جراء ذلك ما الله به عليم، ومن العجيب الغريب أن بعض من يريدون البحث في تمحيص هذه المسألة لا يرجعون إلى كتب الأشاعرة والماتريدية أنفسهم، ويعتمدون بالدرجة الأولى على كلام خصمهم عنهم!.

وكلامي هذا لا يعني أن هذه المذاهب يستحيل أن يكون فيها شيء من الخطأ، ولكن الذي أريده أمران:

أحدهما أن يتم توثيق الأقوال المردود عليها من كتب أصحابها وأهل مذاهبهم، لا من كتب مخالفيهم.

وثانيهما أن يُحتكـَم في مناقشتها لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه وما انبثق عنهما، لا إلى ما قال الرجال.

ـ يأتي ذلك الباحث في كتبه ببعض الأقوال في العقيدة دون أن يذكر ما يشهد لصحتها من نصوص الكتاب والسنة الثابتة، وهو يردد القول مرارا وتكرارا أنه على منهج السلف وأنه لا يخرج عن أقوال السلف، وحيث إن فيها بعضَ ما يخالف منهج السلف وأقوال السلف فإنها بحاجة إلى مراجعة شاملة من قبل أهل العلم المنصفين، بحيث يتم تأكيدُ ما له دليل يثبته، وتزييفُ ما عليه دليل ينفيه، والتوقفُ فيما ليس له لا هذا ولا ذاك.

وهذه بعض النبذ من كلام ذلك الباحث ـ رحمه الله وغفر له ـ والتي أرى أنها مشتملة على خلل في العقيدة:

1 ـ أنكرَ الباحث أن الله تعالى لم يزل وحده ولا شيء غيره معه، فقد رأى قولَ ابنِ حزمٍ في كتاب مراتب الإجماع "وأن الله تعالى لم يزل وحده ولا شيء غيره معه"، فعلـَّق قائلاً: "هذه العبارة ليست في كتاب الله، ولا تـُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعرف هذه العبارة عن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين". [نقد مراتب الإجماع: 1/ 303].

وكلامه مخالف للحديث الصحيح، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره".

كما انعقد إجماع العلماء على القول بمدلول هذا الحديث الصحيح قبل أن يجيء الباحث ويخرق الإجماع.

وهذه أسماء من وقفت على أقوالهم من العلماء القائلين بأن الله كان ولم يكن شيء غيره:

يزيد بن هارون من شيوخ الإمام أحمد والمتوفى سنة 206.

الإمام الكبير أحمد بن محمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي المتوفى سنة 241.

الإمام الترمذي صاحب السنن المتوفى سنة 279، حيث ذكر في سننه قول يزيد بن هارون الذي تقدم قريباً ولم يذكر له مخالفاً ولا تعقبه بشيء.

محمد بن جرير الطبري صاحب تفسير القرآن المتوفى سنة 310.

الإمام ابن خزيمة صاحب كتاب المسند الصحيح وكتاب التوحيد والمتوفى سنة 311، حيث روى الحديث في كتاب التوحيد بلفظ "كان الله ولا شيء غيره"، ولم يتعقبه بشيء.

أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة الطحاوية المتوفى سنة 321.

ابن حبان صاحب الصحيح والثقات المتوفى سنة 354.

الآجري صاحب كتاب الشريعة المتوفى سنة 360، حيث روى الحديث في كتاب الشريعة بلفظ "كان الله ولا شيء غيره"، ولم يتعقبه بشيء.

الفقيه الحنبلي ابن بطة صاحب الإبانة المتوفى سنة 387.

القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني صاحب كتاب التمهيد والإنصاف المتوفى سنة 403.

أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي المتوفى سنة 429.

الفقيه الشافعي أبو محمد الجويني عبد الله بن يوسف والد إمام الحرمين والمتوفى سنة 438.

الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن عمر القزويني المتوفى سنة 442.

أبو نصر الوائلي السجزي عبيد الله بن سعيد المتوفى سنة 444، في رسالة الرد على من أنكر الحرف والصوت والمعتمدة عند ذلك الباحث، وهذا إن ثبتت نسبتها إلى المؤلف أو كان النص على هذه المسألة من القسم الثابت.

ابن حزم الأندلسي صاحب المحلى ومراتب الإجماع والمتوفى سنة 456، ونقل عليه الإجماع.

البيهقي صاحب السنن الكبرى وشعب الإيمان المتوفى سنة 458.

القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء شيخ الحنابلة المتوفى سنة 458، وقد قال في كتاب المعتمد: "والحوادث لها أول ابتدأت منه، خلافاً للملحدة".

ابن عبد البر الأندلسي صاحب كتاب التمهيد في شرح الموطأ المتوفى سنة 463.

البغوي صاحب شرح السنة المتوفى سنة 516.

أبو القاسم الأصبهاني إسماعيل بن محمد بن الفضل صاحب كتاب الحجة في بيان المحجة المتوفى سنة 535. وقال فيه: "مذهب أهل السنة والمقتدين بالسلف أن الله تعالى كان ولا شيء معه".

القاضي أبو بكر بن العربي صاحب عارضة الأحوذي المتوفى سنة 543.

أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق المتوفى سنة 571.

ابن الجوزي الحنبلي صاحب زاد المسير وكتاب الموضوعات الكبرى المتوفى سنة 597.

الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 600، فقد قال: كان الله ولا مكان. ذكره عنه الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة والحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء وفي تاريخ الإسلام.

الفقيه الحنبلي أحمد بن حمدان المتوفى سنة 695.

ثم جاء ذلك الباحث رحمه الله وغفر له فأنكر أن الله كان ولم يكن شيء غيره، مخالفا لكل أولئك الأئمة الأعلام دون أن نجد لهم مخالفا قبله، وهذا يعني أنه يقول بأن الله تعالى ليس منفردا بالوجود في الأزل!!، وأنه يقول بالقدم النوعي لبعض المخلوقات!!.

2 ـ يرى الباحث أن الله تعالى يُقعِد نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم معه على العرش، فقد ذكر الأَثر الوارد في هذا عن مجاهدٍ رحمه الله ـ مع الإقرار والتسليم ـ من كتاب السُّنة لأَبي بكر بن أَبي عاصم، من روايته عن ابن فضيل عن ليث عن مجاهد أنه قال: "عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً: يُقعِده معه على العرش". ولم يذكر أنَّ ليثاً هذا هو ابن أَبي سُليم وأنَّه كان قد اختلط، ولم يتعقبه في المتن كما لم يتعقبه في السند. [الفتاوى الكبرى: 6/ 410. مجموع الفتاوى: 4/ 374. إقامة الدليل على إبطال التحليل: 5/ 88].

وقد أكد على القول بهذا الاعتقاد في موضع آخر إذ يقول: "حديث قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة، وهي كلها موضوعة، وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول". [درء تعارض العقل والنقل: 3/ 19]. ولم يذكر أسماء السلف والأئمة الذين كانوا يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول!، ومن المعلوم عند أهل العلم أن رواية حديثٍ أو أثرٍ ما في كتب الرواية لا تعني تلقيَه بالقبول وعدمَ إنكاره.

3 ـ يقول الباحث بجواز التبعيض على الله تعالى، فقد وقف على بعض الآثار التي فيها القول عن الله تبارك وتعالى بأنه "أبدى عن بعضه"، فراح يثبتها ويدافع عنها، وقال: "وإن كان الإنكار لأنه لا يُقال في صفات الله لفظ البعض فهذا اللفظ قد نطق به أئمة الصحابة والتابعين وتابعيهم، ذاكرين وآثرين". [الفتاوى الكبرى: 6/ 409. إقامة الدليل على إبطال التحليل: 1/ 435]. ويذكر هذا دون دراسة للأسانيد!.

كما نقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: "أما قوله أبدى عن بعضه فهو على ظاهره، وإنه راجع إلى الذات، إذ ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا ما يخرجها عما تستحق، ولا يمتنع إطلاق هذه الصفة على وجه لا يفضي إلى التجزئة والتبعيض، كما أطلقنا تسمية يد ووجه لا على وجه التجزئة والتبعيض". [الفتاوى الكبرى: 6/ 413. إقامة الدليل على إبطال التحليل: 5/ 95]. ولم يعترض عليه.

ولا يمتنع عنده أن نقول "أبدى عن بعضه"، وأنه "على ظاهره"، وأنه "راجع إلى الذات"، وأنه "على وجه لا يفضي إلى التجزئة والتبعيض"، فتأمل واعجب!!.

والأثر المروي في هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما في سنده عمرو بن عثمان الكلابي، وهذا ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. وقال عنه أبو حاتم الرازي: كان شيخاً أعمى بالرقة يحدث الناس من حفظه بأحاديث منكرة. وضعفه العُقيلي والدارقطني، وقال النسائي والأزدي: متروك الحديث. ومثل هذا الإسناد عنده ـ سامحه الله ـ حجة في العقيدة!!!.

4 ـ لا يرى الباحث مانعا من ذكر رواية فيها تشبيه كلام الله تعالى بالأصوات المخلوقة مع الإقرار، فقد قال: "قال أحمد: وحديث الزهري أنه قال: لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب هذا الكلام الذي سمعتـُه هو كلامك؟. قال: نعم، يا موسى، هو كلامي، وإنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، وإنما كلمتك على قدر ما تطيق، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمُِتَّ. قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا: صف لنا كلام ربك. قال: سبحان الله، وهل أستطيع أن أصفه لكم؟!. قالوا: فشبهْه لنا. قال: أسمعتم الصواعق التي تقبـِل في أحلى حلاوة سمعتموها؟ فكأنه مثله". [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: 4/ 11. درء تعارض العقل والنقل: 1/ 377. 2/ 407. الفتاوى الكبرى: 6/ 431، 450. مجموع الفتاوى: 6/ 154].

وعلق الباحث على هذه الرواية مؤيدا ومؤكدا [في الفتاوى الكبرى: 6/  450] فقال: "هو صريح في أنه كلمه بصوت، وكان يمكنه أن يتكلم بأقوى من ذلك الصوت وبدون ذلك الصوت". كذا، ولعل النص أصله هكذا "وبأدنى من ذلك الصوت".

ومن الجدير بالتنبيه هنا هو أن موسى عليه السلام ـ حسب هذه الرواية ـ لم ينكر على من طلبوا منه أن يشبه لهم الصوت، بل وشبهه لهم ليتصوروه.

أقول:

ـ نسبة هذا الكلام للإمام أحمد رحمه الله غير ثابتة، وهذا الباحث لا يتبع طريقة المحدثين بذكر سنده إلى المؤلف، ولكنه ينقل كلام الأئمة جازما ـ دون إسناد ـ موهما صحة العزو إلى المنقول عنه.

وهذا الكلام المنقول عن أحمد موجود في النسخة المنسوبة إليه والمسماة بالرد على الزنادقة والجهمية، وهي مروية من طريق أبي بكر عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال عن أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال عن الخضر بن المثنى عن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه، والخضر بن المثنى ترجم له ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة بروايته عن عبد الله بن أحمد ورواية الخلال عنه فقط، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال عنه الإمام ابن رجب الحنبلي في القواعد: "مجهول تفرد عن عبد الله بن أحمد برواية المناكير التي لا يُتابع عليها". ويرى الإمام الذهبي أن هذا الكتاب موضوع على الإمام أحمد. [انظر: سير أعلام النبلاء: 11/ 286]. فخضِر بن مثنى مجهول وتفرد برواية المناكير عن الإمام الثقة عبد الله بن أحمد، فروايته ضعيفة تالفة.

قال الذهبي في السير عن الرسالة التي كتبها الإمام أحمد لعبيد الله بن يحيى بن خاقان: "فهذه الرسالة إسنادها كالشمس، لا كرسالة الإصطخري، ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبد الله، فإن الرجل كان تقيا ورعا لا يتفوه بمثل ذلك، ولعله قاله، وكذلك رسالة المسيء في الصلاة باطلة".

ومن الواضح أن كلمة "ولعله قاله" الواردة هنا في كلام الذهبي هي مقحمة في النص، مناقضة لما جاء قبلها من أن كتاب الرد على الجهمية المنسوب للإمام أحمد موضوع عليه.

ومن الغريب أن يضرب بعض الناس عن الحجة الواضحة صفحا ويتعلقوا بأن غير واحد من العلماء صححوا نسبة هذا الكتاب إلى الإمام أحمد، وهذا لا يفيدهم في هذا الموضع، فإن ثبت أنهم نصوا على تصحيحه فهناك فرق بين تصحيح نسبة أصل الكتاب وبين تصحيح نسبة النسخة التي وصلتنا.

ومن الغريب أن يتعلقوا بما نقله ابن القيم في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية عن الخلال أنه قال "كتبت هذا الكتاب من خط عبد الله بن أحمد وكتبه عبد الله من خط أبيه"، دون نص واضح صريح عما اشتمل عليه ذلك الكتاب الذي نقله الخلال من خط عبد الله بن أحمد!، ليُعرف هل كان فيه هذا الكلام أوْ لا؟.

ـ مرسل الزهري هذا رواه البيهقي في الأسماء والصفات، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن جرير بن جابر الخثعمي عن كعب الأحبار.

وهذا النص الإسرائيلي المصدر كله إيحاء بأن كلام الله تعالى وإسماعَه لموسى عليه الصلاة والسلام هو بصوت مادي قوي، تبلغ قوته قوة عشرة آلاف لسان، وأن الله تعالى قادر على أن يتكلم بأقوى من ذلك الصوت، وأنه يمكن تشبيهه!، وذلك أنه يشبه صوت الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة!، وقد صار عند من يستدل به ـ دون التفات إلى معرفة مصدره ونقـْد سنده ـ  حجة في العقيدة على الرغم من كونه من الإسرائيليات!!!.

وقد روى البيهقي نحو تلك الرواية من طريقين عن علي بن عاصم عن الفضل بن عيسى عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي سند هذه الرواية علي بن عاصم الواسطي، وهو ضعيف، وكان يخطئ ويصرُّ على الخطأ فاتهمَه لذلك عدد من الأئمة بالكذب، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وقد اتفقوا على تضعيفه، وقيل فيه منكر الحديث، وقيل فيه ليس بثقة. فهذا إسناد تالف.

5 ـ يرى الباحث أن الأنبياء يجوز أن تقع منهم الذنوب كبيرُها وصغيرُها في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة لكن مع امتناع أن يُقروا عليها!.

قال في حديثه عن أنبياء الله ورسله الذين هم صفوة الخلق: "وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فللناس فيه نزاع هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع؟، ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟، أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟، وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أم لا؟، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع، والقولُ الذي عليه جمهور الناس ـ وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف ـ إثباتُ العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا والرد على من يقول إنه يجوز إقرارهم عليها، وحجج القائلين بالعصمة إذا حُررت إنما تدل على هذا القول، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء"!!. [الفتاوى الكبرى: 5/ 259. مجموع الفتاوى: 10/ 292 ـ 293].

أقول:

لم يبين الباحث مَن هم المتنازعون في جواز وقوع الكبائر من الأنبياء؟!!، وما المراد بالآثار المنقولة عن السلف في هذه المسألة!.

لا أدري مَن هم المعنيون بقوله "ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟"، هل هم من علماء المسلمين حقا؟!، وهل قال بعض علماء المسلمين بأن الرسل غير معصومين من الكبائر وهو معصومون من أن يُقروا عليها فقط؟!.

فالباحث لا يقول بعصمة الأنبياء من فعل الذنوب صغيرها وكبيرها، والعصمة الثابتة لهم ـ عنده ـ هي العصمة من أن يقرهم الله تعالى على فعلها، فقط!!.

والقول بعدم عصمة الأنبياء من الذنوب الكبائر هو ما اشتملت عليه أسفار اليهود المحرفة، فتأمل!.

6 ـ قال الباحث ناقلا عن عثمان بن سعيد الدارمي ـ مع الإقرار والاحتجاج ـ في معرِض حديثه عن الله تبارك وتعالى: "ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم أكبر من السموات والأرض؟"!!. [بيان تلبيس الجهمية: 1/ 568. 2/ 160. وفي الطبعة الأخرى: 3/ 113. 4/ 164].

وينبغي التنبه إلى أن هذا النص المنقول عن عثمان بن سعيد الدارمي ليس ثابتا عنه، لأنه من نسخة النقض على بشر المريسي، وفي سند النسخة من لم أجد له ترجمة. [انظر: عقائد الأشاعرة وجولة جديدة من الحوار: ص 127]. 

7 ـ يرى الباحث أنه يجوز أن نصفَ الله تعالى بأنه لا جوف له، وأن من لوازم هذه الصفة أنه يستحيل عليه التفرق وأن يخرج منه شيء، وهو يقر الاحتجاج بهذا على أنه جسم، ولكنه جسم مُصْمَت، كما يقول!!.

والقول بأنه له جوف أو لا جوف له هو من صفات الأجسام، والقائل بهذا أو ذاك غارق في بحر التجسيم لله تبارك وتقدس.

فقد قال سامحه الله: "والاسم الصمد فيه للسلف أقوال متعددة، قد يُظن أنها مختلفة، وليس كذلك، بل كلها صواب، والمشهور منها قولان: أحدهما أن الصمد هو الذي لا جوف له، والثاني أنه السيد الذي يُصمد إليه في الحوائج، والأول هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة، والثاني قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين، والاشتقاق يشهد للقولين جميعا وهو على الأول أدل"!!!. [مجموع الفتاوى: 17/ 214 ـ 215. بيان تلبيس الجهمية: 1/ 511، وفي الطبعة الأخرى: 3/ 54 ـ 55].

وقال: [وقد رووا بالأسانيد الثابتة عن الصحابة والتابعين في الصمد "الذي لا جوف له"، وهذه الصفة تستلزم امتناع التفرق عليه وأن يخرج منه شيء، إذ ذلك ينافي الصمدية، وهو ما احْتـُج به في أنه جسم مُصْمَت"]. [بيان تلبيس الجهمية: 1/ 48 ـ 49، وفي الطبعة الأخرى: 2/ 50 ـ 51].

ففيما تقدم من كلام الباحث نجد أنه يجوِّز أن نصف الله تعالى بأنه لا جوف له، وأن هذا هو أرجح الأقوال عنده في تفسير اسم الله الصمد، وأن هذا القول مروي بالأسانيد الثابتة عن الصحابة رغم أنه لم يصحَّ عن أي واحد من الصحابة!!، كما نجد عنده أن من لوازم هذه الصفة أنه يستحيل عليه التفرق وأن يخرج منه شيء، وكأنه ذرات مجتمعة لكنها غير قابلة للانفصال عن بعضها، ثم هو يقر الاحتجاج بهذا على أنه جسم!، ولكنه جسم مُصْمَت!، كما يقول. أليس هذا بتجسيم؟!!. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وقوله "والاشتقاق يشهد للقولين جميعا وهو على الأول أدل" جناية كبيرة على اللغة العربية ومعاجمها، لأن مشتقات لفظ الصمد تدل على أن المعنى هو السيد الذي تـُصمد إليه الحاجات، وليس فيها أي دلالة على معنى أنه لا جوف له البتة، فضلا عن أن تكون أكثر دلالة عليه.

وتفسير الصمد بأنه الذي لا جوف له تسرب إلى بعض التابعين رحمهم الله وغفر لهم، على خلاف الاشتقاق اللغوي، ثم تمَّ إقحامه على كتب اللغة، ثم تمَّ ترجيحه ـ عند بعض الناس ـ على المعنى الذي يشهد له الاشتقاق!!.

وقال الباحث سامحه الله: "أما القول بأنه سبحانه مركب مؤلف من أجزاء وأنه يقبل التجزؤ والانقسام والانفصال فهذا باطل شرعا وعقلا، فإن هذا ينافي كونه صمدا، وسواء أريد بذلك أنه كانت الأجزاء متفرقة ثم اجتمعت أو قيل إنها لم تزل مجتمعة لكن يمكن انفصال بعضها عن بعض، كما في بدن الإنسان وغيره من الأجسام، فإن الإنسان وإن كان لم يزل مجتمع الأعضاء لكن يمكن أن يُفرق بين بعضه من بعض، والله سبحانه منزه عن ذلك، ولهذا قدمنا أن كمال الصمدية له، فإن هذا إنما يجوز على ما يجوز أن يفنى بعضه أو يُعدم، وما قبـِل العدم والفناء لم يكن واجب الوجود بذاته ولا قديما أزليا، فإن ما وجب قِدمه امتنع عدمه، وكذلك صفاته التي لم يزل موصوفا بها وهي من لوازم ذاته، فيمتنع أن يُعدم اللازم إلا مع عدم الملزوم، ولهذا قال من قال من السلف الصمد هو الدائم وهو الباقي بعد فناء خلقه، فإن هذا من لوازم الصمدية، إذ لو قبـِل العدم لم تكن صمديته لازمة له بل جاز عدم صمديته فلا يبقى صمدا، ولا تنتفي عنه الصمدية إلا بجواز العدم عليه، وذلك محال، فلا يكون مستوجبا للصمدية إلا إذا كانت لازمة له، وذلك ينافي عدمه، وهو مستوجب للصمدية، لم يصرْ صمدا بعد أن لم يكن، تعالى وتقدس، فإن ذلك يقتضي أنه كان متفرقا فجُمع وأنه مفعول مُحْدَث مصنوع، وهذه صفة مخلوقاته، وأما الخالق القديم الذي يمتنع عليه أن يكون معدوما أو مفعولا أو محتاجا إلى غيره بوجه من الوجوه فلا يجوز عليه شيء من ذلك، فعُلم أنه لم يزل صمدا ولا يزال صمدا، فلا يجوز أن يقال كان متفرقا فاجتمع ولا أنه يجوز أن يتفرق، بل ولا أنْ يخرج منه شيء ولا يدخلَ فيه شيء، وهذا مما هو متفق عليه بين طوائف المسلمين". [مجموع الفتاوى: 17/ 297 ـ 298].

آثرتُ أن أنقل هذا النص بتمامه للتعريف بنوع من طريقته في التحدث عن عقيدته، فهو قد يبين بطلان أمر واضح قطعي البطلان بتطويل وإعادة وتكرار، ويسكت عن قرينه الباطل رغم كونه واضحا قطعي البطلان كذلك، وكأنه يشير بذلك إشارة خفية إلى ما يعتقده من صحته، على الرغم من أن المقام يتطلب البيان، والسكوت في معرِض البيان بيان.

فهو يعلن بوضوح أن "القول بأنه سبحانه مركـَّب مؤلـَّف من أجزاء وأنه يقبل التجزؤ والانقسام والانفصال فهذا باطل شرعا وعقلا، وسواء أريد بذلك أنه كانت الأجزاء متفرقة ثم اجتمعت أو قيل إنها لم تزل مجتمعة لكن يمكن انفصال بعضها عن بعض".

لكن لو قيل إنه غير قابل للتجزؤ والانقسام وإنه أجزاء مجتمعة مع عدم إمكان انفصال بعضها عن بعض فهل هذا جائز ـ عنده ـ في حق الله تعالى أو مستحيل؟!.

الواضح من أسلوبه وطريقة عرضه لعقيدته هو أنه يقول بجوازه على الله!، لأنه لو كان قائلا باستحالة هذا على الله تعالى لقال "إن القول بأنه سبحانه مركب مؤلف من أجزاء فهذا باطل شرعا وعقلا" دون أن يضع لها قيودا، لكنه قيد بطلان ذلك بما إذا قال القائل "وأنه يقبل التجزؤ والانقسام والانفصال"!!.

وفي هذا إشارة واضحة منه إلى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو أجزاء لكن لا يقبل التجزؤ والانقسام والانفصال!، وأنه أجزاء لم تزل مجتمعة بحيث لا يمكن انفصال بعضها عن بعض!!!، وسيأتي في الفقرة التالية ما هو كالصريح في أنه يقول بذلك، حيث يقول: "بل هو عالٍ على كل موجود, ثم بعد ذلك إذا قدَّرْتَ أنه ما منه شيء إلا وغيره منه أعلى منه لم يقدحْ هذا في كماله, فإنه لم يَعـْلُ على شيء منه إلا ما هو منه, لا مِن غيره، ولا يقدح في العالي أن يكون بعضه أعلى من بعض إذا لم يكن غيره عاليا عليه".

ويبدو أن كل هذا من أجل تسويغ القول بالتجسيم، فقد قال في بيان رأيه في أن التجسيم غير مذموم: "ولم يذمَّ أحد من السلف أحدا بأنه مجسم، ولا ذموا المجسمة". [بيان تلبيس الجهمية: 1/ 100، وفي الطبعة الأخرى: 2/ 105].

والقول عن الله تبارك وتعالى إنه جسم مُصْمَت هو قول الرافضي المشبِّه هشام بن الحكم. قال المطهر بن طاهر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ في معرِض كلامه عن الله تبارك وتعالى: "وزعم هشام بن الحكم وأبو جعفر الأحول الملقب بشيطان الطاق أنه جسم محدود متناه، وقال هشام هو جسم مُصْمَت، ليس بمجوَّف ولا متخلخل". تعالى ربنا وتقدس عن هذا علوا كبيرا.

8 ـ يرى الباحث أن الله تعالى عالٍ على كل موجود وبعضُه أعلى من بعض!!، قال في حديثه عن الله تبارك وتعالى: "فإن مقصودنا أن لا يكون غيرُه أعلى منه, بل هو عالٍ على كل موجود, ثم بعد ذلك إذا قدَّرْتَ أنه ما منه شيء إلا وغيره منه أعلى منه لم يقدحْ هذا في كماله, فإنه لم يَعـْلُ على شيء منه إلا ما هو منه, لا مِن غيره، وأيضا فإن مثل هذا لا بد منه، والواجب إثبات صفات الكمال بحسب الإمكان، وأيضا فإن مثل هذا كمال في العلو، ولا يقدح في العالي أن يكون بعضه أعلى من بعض إذا لم يكن غيره عاليا عليه". [درء تعارض العقل والنقل: 3/ 293].

فهو يتكلم عن الله جل وعلا وكأنه ذرات مجتمعة وبعضها أعلى من بعض، وأنه لا يعلو على شيء منه إلا ما هو منه!!، وتأمل قوله "ولا يقدح في العالي أن يكون بعضه أعلى من بعض إذا لم يكن غيره عاليا عليه". تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

9 ـ يذكر الباحث بعض الروايات التي تشتمل على تشبيه الخالق جل وعلا بخلقه في معرض القبول والاحتجاج، ومن ذلك نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عن السماء والأرض "يقبـِض عليهما فما يُرى طرفاهما بيده". وفي لفظ عنه: "ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن بيد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم". ثم يقول: وهذه الآثار معروفة في كتب الحديث!. [مجموعة الرسائل والمسائل: 4/ 117].

والقول الأول المنسوب لابن عباس "يقبض عليهما فما يُرى طرفاهما بيده" لم أقف عليه مرويا بسند، ووجدته في تفسير مقاتل بن سليمان البلخي بلا إسناد، قال مقاتل: قال ابن عباس: "يقبض على الأرض والسموات جميعاً فما يُرى طرفها من قبضته". وإيراد هذا الأثر من تفسير مقاتل بن سليمان الكذاب المتهم بالتشبيه وحشْرُه مع الصحاح ومحاولة تثبيته بقوله "وهذه الآثار معروفة في كتب الحديث" أمر يدعو إلى العجب!!.

وأما القول الثاني المنسوب لابن عباس فرواه الطبري في التفسير عن محمد بن بشار عن معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال: "ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم". معاذ بن هشام وعمرو بن مالك كل منهما صدوق ثقة فيه لين، فالسند لين، وهو بكلام أهل الكتاب أشبه.

ورواه ابن أبي شيبة عن الحسن بن موسى، وابنُ منده في الرد على الجهمية وابنُ شاذان في كتاب تفسير مجاهد من طريقين عن آدم بن أبي إياس، كلاهما عن حماد بن سلمة عن أبي سنان عيسى بن سنان عن وهب بن منبه أنه قال: " ما الخلق في قبضة الله إلا كخردلة ههنا من أحدكم". عيسى بن سنان ضعيف.

10 ـ يرى الباحث أن الذي يجب على كل مؤمن الإيمانُ به وإن لم يفهم معناه ليس مقتصرا على ما في الكتاب والسنة، وقال: "فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمانُ به وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها، مع أن هذا الباب يُوجد عامته منصوصا في الكتاب والسنة". [الرسالة التدمرية ص 45. مجموع الفتاوى: 3/ 41].

وهذا يعني أن العقيدة الإسلامية ليست مكتملة في الكتاب ولا في السنة، وأن من يقتصر على العقيدة الثابتة في الكتاب والسنة ليس محققا للإيمان بكل ما يجب عليه أن يؤمن به!، لأنه يرى أن ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها يجب على كل مؤمن الإيمانُ به وإن لم يفهم معناه وإن لم يكن منصوصا عليه في الكتاب والسنة!.

وهذا مخالف لقوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم}، وإذا كانت العقيدة لم تكن قد اكتملت في ذلك اليوم فما الذي اكتمل؟!!.

ومثل هذا يفتح بابا واسعا للأقوال التي لا دليل عليها من نصوص الكتاب والسنة فيُقالَ فيها إن هذا قول السلف!.

ولعل مما يجب الإيمان به ـ عنده ـ وإن لم يكن ثابتا في الكتاب والسنة ما تقدم من المسائل التي يقول عنها بأنها من مذهب السلف، ومن ذلك:

أن يؤمن المسلم بأنه يوجد غيرُ الله معه في الأزل!، لأنه ينكر أن الله كان ولم يكن شيء غيره.

وأن يؤمن المسلم بمدلول الأثر ـ الذي يقبل الباحث سنده ولا يعترض عليه ـ وهو المروي عن مجاهد بن جبر رحمه الله، والذي ورد فيه أن الله تعالى يُقعِد نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم معه على العرش!، فقد قال: "وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول"!!.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى "أبدى عن بعضه"!.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى يتكلم بصوت مادي مسموع وأنه يمكن تشبيهه بصوت الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة!.

وأن يؤمن المسلم بأن الأنبياء والرسل ليسوا معصومين عن فعل الكبائر والصغائر باستثناء موضوع التبليغ عن الله تعالى!، لكن يقول إنهم لا يُقرون على ذلك.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى لو شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته!.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى لا جوف له! وأنه جسم!، ولكنه جسم مُصْمَت، كما يقول!!.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى عالٍ على كل موجود وبعضه أعلى من بعض!!.

وأن يؤمن المسلم بأن الله تعالى يقبـِض على السموات والأرض فما يُرى طرفاهما بيده!. تعالى الله عن هذا كله علوا كبيرا.

ـ خلاصة البحث:

أن هذه الأقوال التي تقدمت هي من بدع الاعتقاد، وأنه يجب أن تـُجتنب.

وأنه يجب التريث في قبول أقوال الباحث الذي يوردها مع السكوت عنها وخاصة في العقيدة، بحيث لا يُقبل من أقواله شيء إلا إذا أيده دليل من كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه.

وأنه لا يجوز قبول حكمه على أحد بالابتداع، لأنه هو نفسَه عنده أقوال بدعية، إلا إذا ثبت ذلك بدليل من كتاب أو سنة ثابتة.

ـ وفي ختام هذا المبحث أقول: لعل الباحث كان يكتب ما يكتب وهو لا يقصد المدلولات الظاهرة من تلك البدع الاعتقادية، وأسأل الله تعالى المغفرة لي وله ولسائر المسلمين على حسن القصد وصلاح النية إن شاء الله.

ومن حقي على كل أخ عالم مخلص يظهر له في كلامي شيء من الخلل الذي لا يُحتمل أن ينصحني بما هو الحق المؤيد بالدليل، فإن الدين النصيحة.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في مجالس متباعدة، آخرها يوم الأحد 19/ 5/ 1434، الموافق 31/ 3/ 2013 سوى بعض الإضافات والتعديلات. والحمد لله الذي بنعمته وعونه وتوفيقه تتم الصالحات.

 

حديث "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"



بسم الله الرحمن الرحيم

 وبه نستعين وله الحمد في الأولى والآخرة.



هذا الحديث رُوي من رواية أبي هريرة وأنس بن مالك ومعاوية بن أبي سفيان وعوف بن مالك وأبي أمامة وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود وعمرو بن عوف وأبي الدرداء وواثلة بن الأسقع وعن علي بن أبي طالب موقوفا:

* فأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود والترمذي ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السنة وأبو يعلى وابن حبان والآجري في كتاب الشريعة وأبو منصور البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق والبيهقي في السنن وفي الاعتقاد، ورواه ابن حنبل وابن ماجه وابن أبي عاصم في كتاب السنة، من خمسة طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة". ولم يأت ذكر النصارى في المصادر الثلاثة الأخيرة. [محمد بن عمرو بن علقمة صدوق فيه لين، وروايته عن أبي سلمة عن أبي هريرة لينة].

* وأما حديث أنس فرُوي عنه من طريق زياد النميري وسعيد بن أبي هلال وزيد بن أسلم والزبير بن عدي وسلمان بن طريف وعبد العزيز بن صهيب ويحيى بن سعيد الأنصاري وسعد بن سعيد الأنصاري ويزيد الرقاشي وقتادة:

ـ فأما طريق زياد النميري فرواه ابن حنبل عن وكيع عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن صدقة بن يسار الجزري المكي عن زياد النميري عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بني إسرائيل قد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة، وأنتم تفترقون على مثلها، كلها في النار إلا فرقة". زياد النميري بصري ضعيف.

ـ وأما طريق سعيد بن أبي هلال فرواه ابن حنبل عن حسن عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس به نحوه، وفيه: وتخلص فرقة. قالوا: يا رسول الله من تلك الفرقة؟. قال: الجماعة. عبد الله بن لهيعة كان قد اختلط. فهذا الطريق ضعيف.

ـ وأما طريق زيد بن أسلم فرواه أبو يعلى عن محمد بن بكار، والآجري في كتاب الشريعة من طريق عاصم بن علي، كلاهما عن أبي معشر عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن زيد بن أسلم عن أنس مرفوعا به نحوه. [محمد بن بكار بن الريان بغدادي صدوق ثقة مات سنة 238. وعاصم بن علي بن عاصم واسطي صدوق فيه لين مات سنة 221. أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ضعيف وتغير قبل موته بسنتين تغيرا شديدا ومات سنة 170. يعقوب بن زيد بن طلحة مدني ثقة مات بعد سنة 140. زيد بن أسلم مدني ثقة فيه لين وكان يرسل ومات سنة 136]. فهذا الطريق ضعيف.

ـ وأما طريق الزبير بن عدي فرواه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث من طريق بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس به نحوه. [بشر بن الحسين متروك متهم بالكذب]. فهذا الطريق تالف.

ـ وأما طريق سلمان بن طريف فرواه الآجري في كتاب الشريعة وابن بطة في الإبانة الكبرى من طريق سلمان بن طريف عن أنس به نحوه. [سلمان بن طريف أو طريف بن سلمان أبو عاتكة منكر الحديث ذاهب الحديث]. فهذا الطريق تالف.

ـ وأما طريق عبد العزيز بن صهيب فرواه الآجري في كتاب الشريعة وابن بطة في الإبانة الكبرى من طريق مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس به نحوه. [مبارك بن سحيم متروك الحديث ذاهب الحديث]. فهذا الطريق تالف.

ـ وأما طريق يحيى بن سعيد الأنصاري فرواه العُقيلي في الضعفاء من طريق معاذ بن ياسين الزيات عن الأبرد بن الأشرس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس به، بلفظ "تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة". قالوا: يا رسول الله، من هم؟. قال: "الزنادقة وهم القدرية". [معاذ بن ياسين الزيات مجهول. الأبرد بن الأشرس كذاب وضاع]. فهذا الطريق تالف.

ورواه بحشل في تاريخ واسط والطبراني في الأوسط وفي الصغير عن وهب بن بقية عن عبد الله بن سفيان الواسطي عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة. قالوا: يا رسول الله وما تلك الفرقة؟. قال: ما كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي. [عبد الله بن سفيان قال العقيلي: لا يُتابع على حديثه]. فهذا الطريق ضعيف.

ـ وأما طريق سعد بن سعيد الأنصاري فرواه العُقيلي في الضعفاء من طريق ياسين الزيات عن سعد بن سعيد الأنصاري عن أنس به بنحو الطريق السابق. [ياسين بن معاذ الزيات منكر الحديث متروك الحديث]. فهذا الطريق تالف.

ـ وأما طريق يزيد الرقاشي فرواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة والطبري وابن أبي حاتم كلاهما في التفسير وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الحجة والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والبسوي في المعرفة والتاريخ واللالكائي من طرق عن الأوزاعي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة". قالوا: يا رسول الله ومَن هذه الواحدة؟. قال: "الجماعة".

ورواه أبو يعلى من طريق عكرمة بن عمار اليمامي عن يزيد الرقاشي عن أنس به نحوه.

ورواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه من طريق عبد الله بن غزوان الحمصي عن عمرو بن سعد مولى غفار عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بني إسرائيل تفرقت على واحدة وثمانين ملة، وستفترق أمتي على اثنتين وثمانين ملة، كلها في النار غير ملة واحدة". قالوا: وأية ملة هي يا رسول الله؟. قال: "الجماعة".

ورواه عبد الرزاق عن معمر عن يزيد الرقاشي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ولفظه "إن بني إسرائيل اختلفوا على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وإنكم ستختلفون مثلهم أو أكثر، ليس منها صواب إلا واحدة. قيل: يا رسول الله وما هذه الواحدة؟. قال: الجماعة.

[عكرمة بن عمار اليمامي صدوق ثقة فيه لين، وأحاديثه عن يحيى بن أبي كثير مضطربة. عبد الله بن غزوان وعمرو بن سعد مولى غفار مجهولان. يزيد بن أبان الرقاشي بصري من العباد، وهو ضعيف متروك الحديث مات سنة 120 تقريبا]. فطريق يزيد الرقاشي كله تالف.

ـ وأما طريق قتادة فرواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ـ ومن طريقه الضياء المقدسي في المختارة ـ قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك به. ورواه ابن المقرئ في معجمه والضياء في المختارة والخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث من طريق موسى بن عامر ابن خريم وعبد الملك بن الأصبغ البعلبكي قالا حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي عن قتادة عن أنس به. وكذا رواه أبو منصور البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق من طريق الوليد بن سلمة عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس به. لكن الوليد بن سلمة متهم بالكذب والوضع، وذكرته هنا لمجرد المعرفة، والعمدة على ما رواه الوليد بن مسلم من الطرق الثلاثة السابقة عنه.

[هشام بن عمار الدمشقي صدوق ثقة، لكن كبر فصار يتلقن. وموسى بن عامر ابن خريم صدوق فيه لين. وعبد الملك بن الأصبغ البعلبكي صدوق فيه لين. الوليد بن مسلم ثقة فيه لين كثير التدليس والتسوية، فإذا لم يتسلسل الإسناد منه إلى منتهاه بما يدل على السماع فالسند غير مقبول. قتادة بن دعامة ثقة مدلس، ولم أجد أنه صرح بسماعه لهذا الحديث من أنس].

هذا الطريق فيه ما يكفي لتضعيفه، والأهم من ذلك أنه معلول، لأنه قد جاء هنا من رواية الأوزاعي عن قتادة عن أنس!، والثابت عن الأوزاعي ـ من طرق عنه ـ أنه رواه عن يزيد الرقاشي عن أنس، كما تقدم قريبا، وهذا يعني أن رواية هذا الحديث من طريق الأوزاعي عن قتادة عن أنس هي مجرد خطأ، ويزيد الرقاشي ضعيف متروك الحديث. فهذا الطريق تالف.

ووجه الإعلال هو أنه لو كان هذا الحديث عند الأوزاعي عن قتادة ويزيد الرقاشي عن أنس فإما أن يجمعهما في الرواية وإما أن يقتصر على روايته عن قتادة عن أنس، فقتادة ثقة ويزيد الرقاشي ضعيف متروك الحديث، وأما الرواية مرة عن هذا ومرة عن ذاك فهذا نوع من العبث الذي تـُصان عنه أفعال العقلاء، وفي مثل هذا الحال فإن الأئمة النقاد من علماء الحديث يحكمون بتثبيت القدر الأدنى ويعلون ما فوقه، فلا مناص عن الحكم بأن الرواية الثابتة عن الأوزاعي هي عن يزيد الرقاشي وليست عن قتادة.

وإذا عُلم أن هذا الطريق معلول فقد جاءت رواية ابن ماجه مختلفة قليلا عن غيرها من روايات الوليد بن مسلم، فألقت الضوء بذلك على وجه الخطأ.

قال ابن ماجه رحمه الله في السنن: حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا أبو عمرو قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة". أي إن الوليد بن مسلم كما روى هذا الحديث عن الأوزاعي عن يزيد الرقاشي عن أنس فكذلك رواه عن أبي عمرو عن قتادة عن أنس.

وللإيضاح أقول: الإمام الأوزاعي رحمه الله هو عبد الرحمن بن عمرو وكنيته أبو عمرو، والوليد بن مسلم سمع من أبي عمرو الأوزاعي كثيرا ومن أبي عمرو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وحدَّث عنهما، وأكثرَ من الرواية عن الأوزاعي، ولذا فإن بعض الرواة بمجرد سماعه منه كلمة "حدثنا أبو عمرو" يظن أن شيخه في هذه الرواية هو الأوزاعي، ولهذا فإن عددا من روايات هذا الحديث قد جاء فيها أنه عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قتادة!، ويبدو أن هذا خطأ، وأن الوليد بن مسلم إنما سمع هذا الحديث من أبي عمرو الأوزاعي عن يزيد الرقاشي ومن أبي عمرو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن قتادة، وابن تميم هذا ضعيف متروك الحديث.

ولا يمتنع ـ عند الأئمة النقاد من علماء الحديث ـ أن يكون الحديث عند الوليد بن مسلم عن أبي عمرو الأوزاعي عن يزيد الرقاشي عن أنس وعن أبي عمرو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن قتادة عن أنس فيرويَه مرة عن هذا ومرة عن ذاك، لأن في كلا الوجهين راويا ضعيفا، فكلاهما في درجة الضعف. [ومن المفيد قراءة كتاب منهج الإمامين البخاري ومسلم في إعلال المرويات الحديثية، فهو مفيد في هذا الباب].

هذا وقد روى عبد الرزاق في المصنف عن معمر عن قتادة أنه قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بنَ سلام: على كم تفرقت بنو إسرائيل؟. فقال: على واحدة أو اثنتين وسبعين فرقة. فقال: "وأمتي أيضا ستفترق مثلهم أو يزيدون واحدة، كلها في النار إلا واحدة". ويبدو أن هذه الرواية هي أصل رواية قتادة، فأخذها منه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم فزاد فيها في المتن وجعلها عن قتادة عن أنس.

* وأما حديث معاوية فرواه ابن حنبل والدارمي وأبو داود والبسوي وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة وابن أبي عاصم في كتاب السنة ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السنة والطبراني في الكبير والآجري في كتاب الشريعة واللالكائي من خمسة طرق عن صفوان بن عمرو السكسكي عن أزهر بن عبد الله الحَرَازي عن أبي عامر عبد الله بن لحي الهوزني أنه قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، يعني الأهواء، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة". [صفوان بن عمرو ثقة فيه لين. أزهر بن عبد الله الحَرَازي صدوق فيه لين. عبد الله بن لحي صدوق].

* وأما حديث عوف بن مالك فرواه ابن ماجه والبسوي في المعرفة والتاريخ وابن أبي عاصم في كتاب السنة والطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين واللالكائي وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الحجة، عن عمرو بن عثمان بن سعيد ويزيد بن عبد ربه عن عباد بن يوسف عن صفوان بن عمرو السكسكي عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار". قيل: يا رسول الله من هم؟. قال:"الجماعة".

[عمرو بن عثمان بن سعيد حمصي صدوق ثقة مات سنة 250. ويزيد بن عبد ربه حمصي ثقة مات سنة 224. عباد بن يوسف حمصي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عنه ابن عدي: روى عن صفوان بن عمرو وغيره أحاديث ينفرد بها. وقال الذهبي في المغني: ليس بالقوي. فهو لين. صفوان بن عمرو حمصي ثقة فيه لين. راشد بن سعد حمصي صدوق ثقة يرسل ومات سنة 113. عوف بن مالك صحابي مات سنة 73]. فهذا الطريق لين.

هذا الطريق فيه ما يكفي لتضعيفه، والأهم من ذلك أنه معلول، فقد روى خمسة من الرواة حديث افتراق الأمة عن صفوان بن عمرو السكسكي عن أزهر بن عبد الله الحَرَازي عن عبد الله بن لحي الهوزني عن معاوية، وليس عن صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك، فرجع هذا الطريق لحديث معاوية.

ـ ورواه البزار والطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين والحاكم وابن عدي في الكامل والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، من طريق نعيم بن حماد عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم، يحرمون الحلال ويحلون الحرام".

قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه: عرضت على عبد الرحمن بن إبراهيم الحديث الذي حدثناه نعيم بن حماد عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال"، فرده وقال: هذا حديث صفوان بن عمرو، حديث معاوية. قال أبو زرعة: قلت ليحيى بن معين في حديث نعيم هذا وسألته عن صحته، فأنكره، قلت: من أين يُؤتى؟. فقال: شُبه له.

وقول دُحيم الحافظ عبد الرحمن بن إبراهيم "هذا حديثُ صفوان بن عمرو حديثُ معاوية" كأنه يريد بذلك أن حديث افتراق الأمة مشهور من رواية صفوان بن عمرو، الذي رواه عن أزهر بن عبد الله الحَرَازي عن عبد الله بن لحي عن معاوية، وأن عيسى بن يونس هو من الرواة عن صفوان، وأنه مما انقلب إسناده على نعيم بن حماد فوهِم فيه، فجعله "عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك"، بدلا من أن يقول "عن عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن أزهر بن عبد الله عن عبد الله بن لحي عن معاوية".

وروى الخطيب البغدادي هذا عن أبي زرعة الدمشقي، ثم روى عن محمد بن علي بن حمزة المروزي أنه قال: سألت يحيى بن معين عن حديث عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم تفترق أمتي، فقال: ليس له أصل. قلت: فنعيم بن حماد؟. قال: نعيم ثقة. قلت: كيف يحدث ثقة بباطل؟. قال: شُبه له.

ورواه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام من طريق نعيم بن حماد وعبد الوهاب بن الضحاك وسويد بن سعيد عن عيسى بن يونس به.

ورواه ابن عدي في ترجمة نعيم بن حماد من طريقه به، ثم من طريق أبي عبيد الله ابن أخي ابن وهب أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن عيسى بن يونس كرواية نعيم، ثم قال: وهذا الحديث كان يُعرف بنعيم بن حماد بهذا الإسناد، حتى رواه عبد الوهاب بن الضحاك وسويد الأنباري وشيخ خراساني يقال له أبو صالح الخراساني عن عيسى بن يونس، وأبو عبيد الله اتهم بهذا الحديث أيضا، وعبد الوهاب بن الضحاك اتهم أيضا فيه، وذاك لأن هذا الحديث معروف بنعيم عن عيسى بن يونس.

ورواه ابن عدي في ترجمة سويد بن سعيد الأنباري من طريقه به، وقال: وهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد، ورواه عن عيسى بن يونس فتكلم الناس فيه، ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له الحكم بن المبارك يكنى أبا صالح الخواشتي، يقال إنه لا بأس به، ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يُعرفون بسرقة الحديث، منهم عبد الوهاب بن الضحاك والنضر بن طاهر وثالثهم سويد الأنباري، ولسويد مما أنكرتُ عليه غيرُ ما ذكرت، وهو إلى الضعف أقرب.

ورواه الخطيب من طريق نعيم بن حماد به، ثم من طريق عبد الله بن جعفر الرقي وسويد بن سعيد الحدثاني الأنباري وعمرو بن عيسى بن يونس وعبد الوهاب بن الضحاك وعبد الله بن وهب ومحمد بن سلام المنبجي عن عيسى بن يونس به، ثم روى عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال: "كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم، وبهذا الحديث سقط نعيم بن حماد عند كثير من أهل العلم بالحديث، إلا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب، بل كان ينسبه إلى الوهَم".

فحديث عوف بن مالك من هذا الطريق ليس له أصل، وهو خطأ سندا ومتنا، وأصله الحديث الذي رواه صفوان بن عمرو عن أزهر بن عبد الله عن عبد الله بن لحي عن معاوية، فرجع حديث عوف بن مالك من هذا الطريق كذلك لحديث معاوية.

ـ ورواه الطبراني في الكبير عن يحيى بن عبد الباقي عن يوسف بن عبد الرحمن المروروذي عن أبي تقي عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي عن معدان بن سليم الحضرمي عن عبد الرحمن بن نجيح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟!". قلت: ومتى ذاك يا رسول الله؟. قال: "إذا كثرت الشرط ومَلـَكت الإماء...، ويفزع الناس يومئذ إلى الشام، تعصمهم من عدوهم". قلت: وهل يُفتح الشام؟. قال: "نعم، وشيكا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين".

[يحيى بن عبد الباقي ثقة مات سنة 292. يوسف بن عبد الرحمن: لم أجد له في أسانيد الطبراني ذكرا سوى هذه المرة الواحدة، ولم أجد له ترجمة، وقد قال الذهبي وابن حجر: يوسف بن عبد الرحمن حدث عنه عيسى بن إبراهيم البِرَكي بحديثين موضوعين. وعيسى بن إبراهيم صدوق فيه لين مات سنة 228، فإن يكن يوسف بن عبد الرحمن الذي حدث عنه البركي هو الذي حدث عنه يحيى بن عبد الباقي فالظاهر أنه أحد الكذابين، وإلا يكـنْه فهو مجهول. عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي ضعيف مات سنة 215 تقريبا. معدان بن سليم وعبد الرحمن بن نجيح لم أجد لهما ترجمة، وفي الرواة معدان بن حدير يروي عن عبد الرحمن بن جبير فلعل في السند تحريفا، وقد يكون هذا من افتعال يوسف بن عبد الرحمن]. فهذا الطريق تالف. 

* وأما حديث أبي أمامة فرواه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم في كتاب السنة والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السنة والطبراني في الكبير واللالكائي من طرق عن أبي غالب أنه قال: كنت في مسجد دمشق، فجاؤوا بسبعين رأسا من رؤوس الحرورية، فنـُصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة فنظر إليهم، فقال: كلاب جهنم، شر قتلى قـُتلوا تحت ظل السماء، ومن قـَتلوا خيرُ قتلى تحت السماء. قلت: يا أبا أمامة، إني رأيتك تهريق عبرتك. قال: نعم، رحمة لهم، إنهم كانوا من أهل الإسلام، قد افترقت بنو إسرائيل على واحدة وسبعين فرقة، وتزيد هذه الأمة فرقة واحدة، كلها في النار إلا السواد الأعظم، عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا، وما على الرسول إلا البلاغ، السمع والطاعة خير من الفرقة والمعصية. فقال له رجل: يا أبا أمامة، أمن رأيك تقول أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. قال: إني إذا لجريء، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين. حتى ذكر سبعا.

ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريقين عن أبي غالب عن أبي أمامة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، تزيد عليها أمتي فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم.

ورواه الطبراني في الكبير واللالكائي والبيهقي من طرق بنحوه، وفيها: قلت: يا أبا أمامة، من ِقبل رأيك تقول أم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. قال: بل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة ـ أو قال اثنتين وسبعين فرقة ـ، وإن هذه الأمة ستزيد عليهم فرقة كلها في النار إلا السواد الأعظم. ففي هذه الرواية الأخيرة لا يدخل حديث افتراق الأمة فيما سمعه أبو أمامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[أبو غالب صاحب أبي أمامة: وثقه موسى بن هارون الحمال وابن معين في رواية والدارقطني مرة، وقال ابن معين في رواية: صالح الحديث. وقال الدارقطني مرة: يُعتبر به. وقال ابن عدي: ولم أر في أحاديثه حديثا منكرا جدا وأرجو أنه لا بأس به. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وضعفه النسائي، وقال ابن سعد وابن حبان: منكر الحديث]. فسنده ضعيف.

* وأما حديث سعد فرواه عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السنة والبزار والآجري في كتاب الشريعة من طريق موسى بن عُبيدة الربذي عن أخيه عبد الله بن عبيدة عن عائشة بنت سعد عن أبيها أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين ملة، ولن تذهب الليالي ولا الأيام حتى تفترق أمتي على مثلها، وكل فرقة منها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة. موسى بن عُبيدة ضعيف منكر الحديث.

* وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فرواه الترمذي ومحمد بن وضاح في البدع والآجري في كتاب الشريعة واللالكائي وأبو منصور البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الحجة، من طرق عن عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الإفريقي عن عبد الله بن يزيد المعافري المصري عن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة. قالوا: ومن هي يا رسول الله؟. قال: ما أنا عليه وأصحابي. عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف.

* وأما حديث ابن مسعود فرواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة والطبراني في الكبير عن هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين فرقة، لم ينج منها إلا ثلاث".

[بكير بن معروف وثقه مروان بن محمد الطاطري، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود والنسائي: ليس به بأس. وقال أحمد: ما أرى به بأسا. وقال في رواية أخرى: ذاهب الحديث. وقال الدارقطني في العلل: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وليس حديثه بالمنكر جدا. وقال فيه ابن المبارك: ارم به]. فالظاهر أنه لين وإلى الضعف اقرب.

ـ ورواه ابن أبي عاصم في السنة ومحمد بن نصر المروزي في السنة والطبري والطبراني في الكبير وفي الصغير والحاكم من طريق الصعق بن حزن عن عقيل الجعدي عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة عن ابن مسعود مرفوعا به نحوه. [عقيل الجعدي قال فيه البخاري وابن حبان: منكر الحديث].

والطريقان السابقان ـ زيادة على ما فيهما من الضعف ـ معلولان بالوقف على الصحابي:

فقد روى ابن أبي حاتم في التفسير هذا الحديث عن أبيه عن هشام بن عمار عن شهاب بن خراش عن حجاج بن دينار عن منصور بن المعتمر عن الربيع بن عميلة الفزازي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم اخترعوا كتاباً من عند أنفسهم، فافترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين ملة". ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني عن أبي سعيد بن الأعرابي عن سعدان بن نصر عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الربيع بن عميلة عن ابن مسعود بنحوه، وعنده "فاختلفت بنو إسرائيل على بضع و سبعين فرقة".

[هشام بن عمار الدمشقي صدوق ثقة، لكن كبر فصار يتلقن. شهاب بن خراش صدوق ثقة فيه لين. حجاج بن دينار ثقة فيه لين. منصور بن المعتمر ثقة. الربيع بن عميلة ثقة. ورجال الإسناد عند البيهقي ثقات]. فهذا الإسناد صحيح.

* وأما حديث عمرو بن عوف فرواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إن بني إسرائيل افترقت على موسى على سبعين فرقة، كلها ضلالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم، وإنها افترقت على عيسى عليه السلام على إحدى وسبعين فرقة، كلها ضلالة إلا فرقة الإسلام وجماعتهم، ثم إنكم تفترقون على اثنتين وسبعين فرقة، كلها ضلالة إلا فرقة الإسلام وجماعتهم". [كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف متروك متهم بالكذب].

* وأما حديث أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس فرواه الطبراني في الكبير والآجري في كتاب الشريعة وأبو إسماعيل الهروي في كتاب ذم الكلام وأهله من طريق كثير بن مروان الفلسطيني عن عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ذروا المراء، فإن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على ثنتين وسبعين، كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم. قالوا: يا رسول الله ومن السواد الأعظم؟. قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي. ورواه ابن عساكر من طريق أبين بن سفيان عن عبد الله بن يزيد بن آدم به.

[كثير بن مروان الفلسطيني كذاب يحدث بالمنكرات. وأبين بن سفيان ضعيف منكر الحديث، وقال البخاري: لا يُكتب حديثه. عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي ليس بثقة، أحاديثه موضوعة]. فهذا إسناد تالف.

* وأما الموقوف على علي فرواه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ـ كما في الإتحاف ـ عن مروان بن معاوية عن حسان بن أبي يحيى الكندي عن شيخ من كندة عن علي رضي الله عنه أنه قال: افترقت النصرانية على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت اليهودية على ثنتين وسبعين فرقة، والذي نفسي بيده لتفترقن الحنيفية على ثلاث وسبعين فرقة، فتكون ثنتان وسبعون في النار، وفرقة في الجنة. [حسان بن أبي يحيى الكندي شيخ مروان بن معاوية ذكره ابن حبان في الثقات، لكن وقع في نسخة كتاب الثقات تسميته بحسان بن أبي حسان. وشيخه مبهم]. فهذا الطريق ضعيف.

ـ ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة من طريق يعقوب بن عبد الله القمي عن ليث بن أبي سُليم عن مجاهد عن ابن عباس عن علي أنه قال: تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وأنتم على ثلاث وسبعين، وإن من أضلها وأخبثها الشيعة. [ليث بن أبي سُليم اختلط جدا ولم يتميز حديثه].

ـ ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة وابن أبي حاتم في التفسير من طريقين عن عبد الله بن وهب عن أبي صخر حميد بن زياد عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري عن علي بن أبي طالب أنه قال: لقد افترقت بنو إسرائيل بعد موسى على إحدى وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة.

[حميد بن زياد مدني سكن مصر ومات سنة 145 تقريبا، صدوق فيه لين. أبو معاوية البجلي: قال المزي: يُقال إنه عمار الدهني ويُقال غيره. سعيد بن جبير ثقة. أبو الصهباء صدوق فيه لين]. عمار الدهني ثقة لم يسمع من سعيد بن جبير شيئا، فإن كان أبو معاوية البجلي المذكور في هذا السند هو عمارا الدهنيَّ فالسند منقطع، وإلا يكنْه فهو مجهول. فهذا الطريق ضعيف.

ـ ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة وابن عساكر من طريق عطاء بن مسلم الحلبي عن العلاء بن المسيب عن شريك البرجمي عن زاذان أبي عمر عن علي بنحوه.

[إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه. عطاء بن مسلم الكوفي الحلبي صدوق فيه لين مات سنة 190. العلاء بن المسيب كوفي ثقة فيه لين. شريك البرجمي لم أجد فيه سوى أن ذكره ابن حبان في الثقات. زاذان أبو عمر ثقة فيه لين مات سنة 83]. فهذا الطريق ضعيف.

ـ ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى من طريق شبابة بن سوار عن سوادة بن سلمة عن عبد الله بن قيس عن علي رضي الله عنه أنه قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، لتفترقن هذه الأمة على مثل ذلك، وأضلها فرقة وشرها الداعية إلينا أهلَ البيت، وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما. [سوادة بن سلمة لم أجد له ترجمة، ولا فيمن اسمه سواد. عبد الله بن قيس يحتمِل أن يكون الذي ذكره ابن حبان في الثقات]. فهذا الطريق ضعيف جدا.

ـ ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن إبراهيم بن الحسن التغلبي عن عبد الله بن بكير عن محمد بن سوقة عن أبي الطفيل عن علي أنه قال: "تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحل حبنا وتفارق أمرنا". ثم علقه المؤلف بعد روايته مسندا عن أبي نعيم عن عبد الله بن بكير نحوه كذلك، وعن محمد بن سلمة الحراني عن محمد بن عبيد الله الفزاري عن محمد بن سوقة نحوه كذلك.

[محمد بن عثمان بن أبي شيبة كوفي مات سنة 287، وثقه جماعة، ويبدو أن له أخطاء كان يصر عليها فكذبه جماعة لأجلها. عبد الله بن بكير الغنوي الكوفي صدوق وليس بقوي. محمد بن سوقة كوفي ثقة. أبو الطفيل صحابي. أبو نعيم لعله الفضل بن دكين وهو ثقة. محمد بن سلمة الحراني ثقة مات سنة 192. محمد بن عبيد الله الفزاري العرزمي كوفي متروك الحديث مات سنة 155 تقريبا]. فهذا الطريق ضعيف.

ثم إنه معلول بما رواه الآجري في الشريعة من طريق رجاله ثقات، والخطيبُ البغدادي من طريق واه، كلاهما عن أبي معاوية قال حدثنا محمد بن سوقة عن حبيب بن أبي ثابت عن علي رضي الله عنه أنه قال: تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، شرهم قوم ينتحلون حبنا أهلَ البيت ويخالفون أعمالنا.

[أبو معاوية محمد بن خازم كوفي صدوق ربما دلس ومات سنة 194. محمد بن سوقة كوفي ثقة رأى أنس بن مالك. حبيب بن أبي ثابت كوفي ثقة يدلس ويرسل، ولم يدرك عليا، ومات سنة 119]. فهذا الطريق منقطع بين حبيب بن أبي ثابت وعلي رضي الله عنه، فهو ضعيف.

ووجه الإعلال هو أن الطريق السابق لهذا الأثر الموقوف على علي رضي الله عنه رُوي من طريق محمد بن سوقة عن أبي الطفيل عن علي من وجه ضعيف، ولو صحَّ من هذا الطريق لكان الأثر صحيح الإسناد، ورُوي من طريق محمد بن سوقة عن حبيب بن أبي ثابت عن علي من وجه قوي، فبذلك يكون الطريق السابق ـ زيادة على ضعفه ـ معلولا بالوجه الأقوى، وإذا كان ذلك كذلك فالصحيح أن محمد بن سوقة رواه عن حبيب بن أبي ثابت وليس عن أبي الطفيل، فيكون هذا الطريق عن علي ضعيفا لأنه منقطع الإسناد بين حبيب بن أبي ثابت وعلي رضي الله عنه.

* خلاصة القول في درجة هذا الحديث:

هذا الحديث طرقه كلها ضعيفة، ولعل أمثلها حديث معاوية، والثابت منها هو قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "فاختلفت بنو إسرائيل على بضع وسبعين فرقة".

قد يقول قائل: ألا يصل الحديث بهذه الطرق الكثيرة لمرتبة الحديث المتواتر فنحكمَ بصحته على الجزم والقطع؟! أو لمرتبة الصحيح لغيره؟! أو لمرتبة الحسن لغيره على الأقل؟!.

أقول:

قلت في كتاب متنزه الأنظار: [ولا ارتباط بين صحة الحديث وعدد الطرق التي رُوي بها، لأن مجرد كثرة الطرق لا تفيد الصحةَ ولا الحسن، فضلا عن إفادة الجزم والقطع، وقد أشار الإمام أحمد ابن حنبل عليه رحمة الله إلى هذا المعنى إذ قال: "يطلبون حديثاً من ثلاثين وجهاً!! أحاديثُ ضعيفة". والذي أقول به وأؤكده هو أنه لا ارتباط بين عدد الطرق التي يُروى بها الحديث وبين الصحة والحسن، فقد يكون للحديث عشرة طرق أو عشرون أو ثلاثون ويبقى ضعيفا، وقد يكون له طريق واحد ويكون صحيحا، والمعوَّل عليه هو عدالة الرواة وضبطهم مع اتصال السند وسلامة الحديث من العلل ومن الشذوذ].

وترقية الحديث بتوارد الطرق الضعيفة له شرط أهمله المتأخرون، وهو أن لا يكون الحديث شاذا، وهذا الحديث فيه شذوذ من وجهين:

أحدهما: أن الله تعالى أخبرنا أنه هدى المؤمنين لما وقع فيه الاختلاف فقال سبحانه {فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه}، فلا يُعقل أن تكون أمة الهداية التي أثنى عليها الحق جل جلاله أشدَّ اختلافا وتفرقا من الذين غضب الله عليهم.

وثانيهما: أن الفِرقة التي جاء الإخبار عنها بأنها الفرقة الناجية ـ حسب معظم طرق هذا الحديث ـ ليست هي المتمسكة بالحق أو بالكتاب والسنة مثلا، ولكن ـ حسب تلك الروايات ـ هي الجماعة، كذا في حديث معاوية وعوف بن مالك وسعد وعمرو بن عوف وعدد من الطرق عن أنس، وورد أنها السواد الأعظم، كما في حديث أبي أمامة والحديثِ المروي عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة وأنس، وهذا مخالف للنصوص القرآنية الكريمة التي تبين أن أكثر الناس ليسوا على الحق، فقد قال الله تعالى {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} {ولكن أكثر الناس لا يشكرون}.

وهذا ما جعل بعض السلف مضطرا إلى أن يؤول لفظة "الجماعة" تأويلا بعيدا يخرجها عن المعنى المعروف في اللغة والظاهر من السياق، فمعناها المعروف والظاهر هو أنها تعني السواد الأعظم.

ولكن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "الجماعة الكتاب والسنة وإن كنتَ وحدك". وفي رواية "الجماعة أهل الحق وإن كنت وحدك". وفي رواية "إن جمهور الناس فارقوا الجماعة، إن الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل". وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: "الجماعة هي الحق وإن كنت وحدك". وقال نعيم بن حماد: "إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ". وكل هذه المعاني تحمل مفهوما مغايرا لما ترمي إليه تلك الروايات حسبما يظهر منها.

ومن القرائن التي تدل على عدم ثبوت الحديث ـ المروي من طرق ضعيفة كثيرة دون أن يكون فيها إسناد صحيح ـ أن يغلب على الظن أن هنالك جهةً ما تسعى لإشاعته وترويجه، وفي مثل هذه الحال فالواجب عدم التسرع في تصحيح الحديث خشية الوقوع في نسبة كلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يقله.

والخلاصة أن هذا الحديث لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وكتبه صلاح الدين بن أحمد الإدلبي في 24/ 5/ 1435، الموافق ل 25/ 3/ 2014، والحمد لله رب العالمين.